الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{ولو ترى} الظاهر أنه خطاب للرسول، وقيل: له ولأمته، أي: يا محمد منكري البعث يوم القيامة لرأيت العجب.وقال أبو العباس: المعنى يا محمد قل للمجرم.{ولو ترى} رأى أن الجملة معطوفة على {يتوفاكم}، داخلة تحت {قل}، فلذلك لم يجعله خطابًا للرسول.والظاهر أن لو هنا لم تشرب معنى التمني، بل هي التي لما كان سيقع لوقوع غيره، والجواب محذوف، أي لرأيت أسوأ حال يرى.ولو تعليق في الماضي، وإذ ظرف للماضي، فلتحقق الأخبار ووقوعه قطعًا أتى بهما تنزيلًا منزلة الماضي.وقال الزمخشري: يجوز أن يكون خطابًا لرسول الله، وفيه وجهان: أحدهما: أن يراد به التمني، كأن قيل: وليتك ترى، والتمني له، كما كان الترجي له في: {لعلهم يهتدون}، لأنه تجرع منهم الغصص ومن عداوتهم وضرارهم، فجعل الله له، تمنى أن يراهم على تلك الصفة الفظيعة من الحياء والخزي والغم ليشمت بهم، وأن تكون لو امتناعية، وقد حذف جوابها، وهو: لرأيت أمرًا فظيعًا.ويجوز أن يخاطب به كل أحد، كما تقول: فلان لئيم إن أكرمته أهانك، وإن أحسنت إليه أساء إليك، فلا يريد به مخاطبًا بعينه، وكأنك قلت: إن أكرم وإن أحسن إليه. انتهى.والتمني بلو في هذا الموضع بعيد، وتسمية لو امتناعية ليس بجيد، بل العبارة الصحيحة لو لما كان سيقع لوقوع غيره، وهي عبارة سيبويه، وقوله قد حذف جوابها وتقديره: وليتك ترى ما يدل على أنها كانت إذا للتمني لا جواب لها، والصحيح أنها إذا أشربت معنى التمني، يكون لها جواب كحالها إذا لم تشربه.قال الشاعر:
وقال الزمخشري: وقد تجيء لو في معنى التمني، كقولك: لو تأتيني فتحدثني، كما تقول: ليتك تأتيني فتحدثني.فقال ابن مالك: إن أراد به الحذف، أي وددت لو تأتيني فصحيح، وإن أراد أنها موضوعة للتمني فغير صحيح، لأنها لو كانت موضوعة له، ما جاز أن يجمع بينها وبين فعل التمني.لا يقال: تمنيت ليتك تفعل، ويجوز: تمنيت لو تقوم.وكذلك امتنع الجمع بين لعل والترجي، وبين إلا واستثنى. انتهى.{ناكسوا رءوسهم} مطرقوها، من الذل والحزن والهم والغم والذم.وقرأ زيد بن علي: نكسوا رءوسهم، فعلًا ماضيًا ومفعولًا؛ والجمهور: اسم فاعل مضاف.{عند ربهم} أي عند مجازاته، وهو مكان شدة الخجل، لأن المربوب إذا أساء ووقف بين يدي ربه كان في غاية الخجل.{ربنا} على إضمار يقولون، وقدره الزمخشري: يستغيثون بقولهم: {ربنا أبصرنا} ما كنا نكذب؛ {وسمعنا} ما كنا ننكر؛ وأبصرنا صدق وعدك ووعيدك، وسمعنا تصديق رسلك، وكنا عميًا وصمًا فأبصرنا وسمعنا، فارجعنا إلى الدنيا.{إنا موقنون} أي بالبعث.قاله النقاش؛ وقيل: مصدقون بالذي قال الرسول، قاله يحيى بن سلام.وموقنون: مشعر بالالتباس في الحال، أي حين أبصروا وسمعوا.وقيل: موقنون: زالت الآن عنا الشكوك، ولم نكن في الدنيا نتدبر، وكنا كمن لا يبصر ولا يسمع.وقيل: لك الحجة، ربنا قد أبصرنا رسلك وعجائب في الدنيا، وسمعنا كلامهم فلا حجة لنا، وهذا اعتراف منهم. اهـ.
|